الخميس، 21 مايو 2009

تعرف على قلم رصاص الجزائر


الكــاتب الصحــفي علي رحـــالية "

جــئت من الريــف لأكـتشــف كـم كنــا مخــدوعــين !

رفض عــدة مـــرات أن ينزل ضيــفا على ركن >بـــدون تحفظ< ، لكن وبدون موعد محدد وجد نفسه يجيب عن أسئلتنا بجرأته المعتادة·· علي رحالية صاحب كتاب >اليوم الأخير< ومقال >كتابات ذاتية< و>سطور< ، يتكلم في الجزء الأول من >بدون تحفظ< عن بدايته المهنية وبعض محطات مساره الصحفي ·

جئت من البادية إلى العاصمة فكيف كانت الرحلة؟

هذا صحيح·· لقد جئت من البادية ثم انتقلت إلى الريف بعدها انتقلت إلى بلدية شبه حضرية بعدها انتقلت إلى المدينة يعني إلى الحضارة!···· باختصار·· أنت تعرف أغنية عبد المجيد مسكود التي يقول فيها: >زحف الريف جاب غاشي< ·· أنا واحد من ذاك >الغاشي< الذي جاء به زحف الريف·· الرحلة كانت طويلة لكني لم أخطط لها·· إنها أشبه بالسفر الحتمي ·

أنت تعترف بأنك ريفي ودخيل على المدينة؟

فعلا أنا ريفي كبير·· بل ريفي حقيقي·· لكن السنوات الستة عشر التي قضيتها في العاصمة جعلتني >أتحلب< بعض الشيء·· لقد علمتني المدينة والعاصمة بالذات أشياء كثيرة لكنها لم تستطع إلى حد هذه اللحظة أن تقنعي أو تفرض علي مسح حذائي بالسيراج ووضع >gel< في شعري·· ولكن دعني أقول لك شيئا·· في مرحلة من حياتي طرحت على نفسي عدد من الأسئلة الوجودية منها سؤال يتعلق بماهية الإنسان ومن يكون أفضل الناس·· صدقني لقد بحثت كثيرا عند فلاسفة الغرب والشرق المحدثين والقدامى وفتشت في كتب كل الديانات تقريبا·· ولم أجد أفضل وأكثر إقناعا من قوله تعالى >إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم< ·· في الأصل كلنا متساوون ·

كيف دخلت إلى الخبر؟

الصديق السعيد نمسي هو الذي أدخلني إلى الخبر·· في 1995 توقفت أسبوعية >الوقت< التي كان يصدرها يومية >El watan< وقد كنت متربصا فيها ثم تحولت إلى متعاون بطلب من السعيد·· عندما توقفت >الوقت< عن الصدور شعر السعيد بأنه مسؤول عن تحويلنا إلى بطالين فعمل المستحيل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه فاستطاع أن يلحقني أنا وصديقي حميد يس وهو أيضا بيومية الخبر·· لم أمكث طويلا·· ربما شهرين أو أكثر قليلا·· عملت وقتها في قسم المجتمع تحت رئاسة جعفر ·

وإلى أين ذهبت؟

عدت إلى المعهد (معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية) بعد نجاحي في مسابقة الماجستير·· كانت فرصتي الوحيدة للهروب من أداء الخدمة الوطنية·· لم أكن مقتنعا ولا مستعدا لكي أقتل أو أقتل من أجل خالد نزار أو عباسي مدني وغيرهم ·

ولكنك عدت مرة ثانية إلى الخبر؟

كان ذلك في سنة 1998 على ما أعتقد·· كنت وقتها أكتب مقالا أسبوعيا ينشر ضمن الملحق الثقافي الذي كان يعده ويشرف عليه الصديق حميد عبد القادر·· وفي إحدى زياراتي للمقر وجدت نفسي في مكتب رئيس التحرير عثمان سناجقي وكان برفقة كمال جوزي وعبد الحكيم بلبطي· وقد اقترح علي الثلاثة الالتحاق بالخبر فقلت لهم:>لما لا< ·· والتحقت بالقسم الثقافي رفقة حميد وفريد معطاوي ·

وقدمت استقالتك بعد 10 أو11 شهرا ؟ هل يمكن أن نعرف لماذا استقلت خاصة وأن الخبر حلم أي شاب يريد أن يصبح صحفيا؟

هنا يجب أن أسجل موقفا إنسانيا ولا يمكن أن أنساه لعثمان سناجقي·· لقد كتبت ثلاث أو أربع استقالات وقدمتهم لعثمان لكنه في كل مرة كان يدعي بأنها ضاعت منه أو نساها في مكان ما وهكذا·· كان عثمان يعرف السبب الحقيقي لاستقالتي·· حدثت خلافات بيني وبين حميد بخصوص تقسيم العمل·· وعندما لم تحل·· فضلت أن أحتفظ بصداقته على المنصب· مع العلم أنه كان بإمكاني أن آخذ منه منصب رئاسة القسم الثقافي وكان يكفيني أن أقول فقط كلمة >نعم< لرئاسة التحرير·· ولكنني لم أفعل ·

وكيف التحقت بالخبر الأسبوعي؟

ذهبت من الخبر دون أن أحصل على استقالتي وبينما كنت أتسكع التقيت بأحميدة عياشي وعبد الحكيم فطلبا مني أن أركب معهما وفي الطريق حدثاني عن مشروع >الخبر الأسبوعي< وطلبا مني الإلتحاق بالفريق قلت لهما بأنني استقلت من الخبر·· لكن أحميدة تكفل بإقناعي بضرورة مساعدتهم فى إصدار الأسبوعية على الأقل تحضير الأعداد العشرة الأولى·· وقد تساءلت وقتها عن نوع المساعدة التي يمكن أن يقدمها صحفي مبتدئ·· صحفي >ذراري< مثلي لأسبوعية كل أقلامها أسماء معروفة في الساحة الإعلامية ·

من كانوا أصدقائك في الخبر وقتها؟

ليس لدي أصدقاء >مؤقتين< ·· إما أن تكون صديقي مدى الحياة أو لا تكون·· لذلك فكلهم أصدقائي، صحفيين، تقنيين، سائقيين، بوابين، ومساهمين·· لم يكن لدي أي مشكل أو خلاف مع أين كان في الخبر·· كانت أيام رائعة ولا يمكن أن تنسى من ينسى >البطاطا< تاع سليمان، ولسان فريد الحاد والقاطع، وحكمة ماضي، وضحكات جعفر، و>سماطة< حميد وأناقة ملوك وهدوء هارون، وعثمان الذي لا يتوقف على نتف <شلاغمو< ورضا المختص في سرقة الأقلام، وهنا أوجه نداء لكل من ضاع منه قلم في دار الصحافة أو دخل الخبر، بأن قلمه موجود بالتأكيد في أحد أدراج مكتب رضا·· من ينسى إيوانوغان ونور الدين قلالة وسعاد عزوز ويوسف ومراد وشعشوع وعلي جري وهو يتحفنا بعبارته الشهيرة: >الواحد تاع لوحايد< ! وشكل وصوت أيوب (رسام الكاريكاتير المعروف) وهو يناديني كلما رآني: >أرواح يا زفت < !

وصدقني لو أن الحيز يسمح لذكرتهم لك جميعا اسما اسما·· وهذه فرصة لي لأقول لهم جميعا شكرا على الاحترام والثقة والحب ·

كيف تقيم تجربتك في الخبر الأسبوعي؟

كانت ممتازة·· هناك التقيت بأقلام تعلمت على أيديهم حرفة الصحافة والكتابة على أصولها·· وأذكر منهم أحميدة عياشي، عبد العزيز بوباكير، ناصر جابي، عبد الحكيم بلبطي، التقيت هابت حناشي، كما التقيت بأقلام أعتز بلقائهم مثل آمال فلاح، فوزي سعد الله، رشيد بوذراعي، عزيز لطرش، جمال نكاكعة، وسلاف فسوم·· الخبر الأسبوعي فتحت لي الأبواب على ممارسة كل الأنواع الصحفية·· أعتقد أن فرصتي الحقيقية أعطتها لي الخبر الأسبوعي ولكي أكون أكثر دقة أقول أعطاها لي أحميدة عياشي وعبد الحكيم بلبطي ولا يمكن أن أنسى تشجيعات كل فريق الأسبوعية خاصة تشجيعات ناصر جابي، بوباكير وآمال فلاح ودعابات الزميل عزيز لطرش بتحويلي إلى مجرد ذكرى في تاريخ الصحافة الجزائرية ·

في >الخبر الأسبوعي< شكلتم عصبة رفقة أحميدة عياشي وحناشي إلى درجة أقلقت ملاّك الجريدة كونكم تبنيتم خطا افتتاحيا لوحدكم؟

شخصيا لا أعرف بالضبط ما هي طبيعة الشروط ومستوى الحدود التي اتفق عليها الطرفان، أقصد ملاك الجريدة وأحميدة عياشي أعتقد أن النجاح الكبير وغير المتوقع للخبر الأسبوعي وفي ظرف زمني قصير جدا بالإضافة إلى جرأة الجريدة جعلت أصحاب الجريدة يتخوفون من أن >يهرب< لهم أحميدة بالأسبوعية خاصة وأن كل الصحفيين كانوا يقفون وراءه· لقد وفر لنا أحميدة جوا ممتازا للعمل كصحفيين سواء تعلق الأمر باختيار المواضيع أو طريقة معالجتها بالإضافة إلى هامش الحرية المعقول والمقبول مقارنة بجرائد أخرى·· الصراع وقع بين رجلين كل واحد منها متمسك بوجهة نظره·· أحميدة كان يقول بأنه لن يفرط في صلاحياته·· وعلي جري كان يقول بأنه يمارس كل صلاحياته·· وطبعا عندما يتصارع >الفيلة< فدائما العشب هو الذي يدفع الثمن وأقصد هنا القراء ··

اشتهرت بمقال >كتابات ذاتية< التي كنت توقعه >بقلم المواطن علي رحالية< وقد تحاملت فيها على الكثير من المسؤولين، هل لديك مشكلة معهم؟

لا أعتقد أنني تحاملت على أي كان·· والدليل لا واحد منهم اشتكاني للقضاء·· كل ما هناك أنني استفدت من أخطائهم وهفواتهم وتناقضاتهم وحتى حماقات وغباء بعضهم لأوجه لهم أكبر قدر من النقد والهجوم والضرب والعظ المعنوي·· لقد كانت فرصة للانتقام من محترفي السياسة السياسوية ملوك الديماغوجيا ولغة الخشب والوعود الكاذبة وسلاطين التسيير الكارثي وناهبي ثروات الشعب والأمة·· يا عزيزي المسؤول الجزائري ليس مجرد اسم شخص بل هو رمز·· رمز لكل ما هو سيء وفاسد وعفن·· المسؤول الجزائري هو رمز للأنانية والجشع والمحسوبية والظلم وخيانة الأمانة·· باسم المنصب والمسؤولية تنهب ثروات الشعب ويتحرش جنسيا ببنات الشعب ويركب على ظهر الشعب·· باسم المسؤولية والمنصب والمركز يداس على كل القوانين من قانون المرور إلى قانون الإنتخابات·· أنظر·· أنظر إليهم·· أين يسكونون، وماذا يلبسون، وماذا يأكلون، في أي نوع من السيارات يركبون، وفي أي البلدان >يحوسون< وفي أي مجال ومع من >يبزنسون< ·· يا راجل معظمهم لا يحسنون حتى نطق اللغة واللهجة التي يتحدث بها الشعب· هل يمكنك أن تقول لي ما علاقة هؤلاء بنا؟·· بالتأكيد هي في الأول والأخير علاقة كعلاقة صاحب الحمار بالحمار ·

هل هناك مقال ندمت على كتابته أو حساباتك كانت غير دقيقة لما أقدمت على كتابته؟

لا يوجد مقال أو موضوع ندمت على كتابته على الأقل إلى غاية هذه اللحظة، لأنني لا أكتب إلا ما أنا مقتنع به، زد على ذلك فأنا لا أكتب أي شيء قبل أن أقوم بعمـلية بحث ونبش وحــفر حــول الموض وع من جمع للمعلومات و المراجع والآراء مهما كان نوعها·· لا أكتب إلا وأنا ملم بالموضوع وماسك بتفاصيله وعلى الرغم من جرأة وسخونة وحساسية بعض ما كتبت إلا أنني لم أقف أمام المحكمة إلا مرة واحدة فقط وقد كانت محاكمة شكلية لأن كل الأدلة المادية كانت بحوزتي·· الشيء الوحيد الذي كان يزعجني ويسبب لي >أزمة ضمير< هو عندما تصب انتقاداتي لشخص أو مسؤول أو جماعة أو مؤسسة، في مصلحة شخص أو مسؤول أو أطراف أخرى دون أن أقصد ذلك كأن أنتقد النظام فيصب ذلك في مصلحة الإسلاميين أو العكس !·

هل يمكن أن تذكر مثالا على ذلك؟

أوضح مثال ربما يكون مثال محمد بن شيكو·· فعندما أصدر هذا الأخير كتابه >بوتفليقة بهتان عظيم< كتبت مقالا طويلا هو أقرب إلى الدراسة اخترت له عنوان:>بن شيكو بهتان إعلامي< ! ·· فذلك المقال/ الدراسة كشفت بالتواريخ والأسماء والوقائع حجم الأخطاء والأكاذيب التاريخية التي جاءت في كتاب بن شيكو·· ونشرت ذلك في يومية >الجزائر نيوز< وهي اليومية الوحيدة التي قبلت نشر الموضوع·· بعد مدة قصيرة على نشر المقال/الدراسة، جاءني من يقول لي بأن موضوعي كان رائعا وبأنني >بهدلت< و>مسحت الأرض< ببن شيكو·· وبأن هناك من هو مستعد لأن يمول تحويل المقال/الدراسة إلى مشروع كتاب وبأنه على كل استعداد لطبع مائة ألف نسخة تعود أرباحها كلها لي!·· تمعنته جيدا ثم قلت له:>إذا كنت تعتقد بأنني كتبت ما كتبت بغرض الدفاع عن بوتفليقة فأنت مخطئ·· أنا كتبت المقال من أجل شيئين اثنين فقط·· الأول هو الدفاع عن الحقيقة والثاني أني وجدت الكتاب لا يستحق الـ (400) دينار التي دفعتها ثمنا له·· وأضفت >إذا كنتم تريدون التقرب من فخامة الرئيس فما عليكم إلا أن تقيموا له تمثالا في ساحة الشهداء أو مقام الشهيد ·

كانت صيحات الغضب تصلني بعد كل مقال تقريبا وأنا أتفهم ذلك·· فمن الصعب جدا على مسؤول كبير يجد نفسه وقد وضع في زواية ضيقة من طرف مواطن عادي ثم يقوم هذا الأخير بإطلاق النار عليه أو نزع ثيابه حتى يبدو عاريا كما ولدته أمه··>كتابات ذاتية< كانت كتابات مواطن سادي يتلذذ بتعذيب وفضح المسؤولين وغيرهم من المتسببين في هذه الكارثة التي وصلت إليها البلاد والعباد·· وللتاريخ أذكر بأنني لم أتعرض لأية مشاكل·· المشاكل و>الضرب< كان يتحمله عبد الله فطاف وبشير حمادي ولما انتقلت ملكية الشروق إلى علي فوضيل، فصديقي وأخي نصر الدين قاسم وسعد بوعقبة هما اللذان كانا يتلقيان >الضرب< والتهديد بدلا عني·· أعرف أن هناك مسؤول كبير جدا اتصل بشخصية إعلامية معروفة وطلب منه توقيفي عن الكتابة لكنه رفض ولم يفعل·· وأنا أغتنم الفرصة لأنحني وأقبل كل تلك الأيادي التي مدت لي ودافعت عني في السر والعلن·· شكرا لكم جميعا ·

تحمل كتاباتك الكثير من التشاؤم لدرجة أنك متشائم أكثر من التشاؤم؟

صحى يا المتفائل!·· يا أبا التفاؤل!·· يا عزيزي أتحداك أن تنزل إلى الشارع وتحضر لي جزائري واحد·· شابا واحدا، عاملا واحدا، موظفا واحدا·· مواطنا جزائريا واحد يدعي بأنه متفائل·· يا عزيزي الناس يهربون من هذا البلد وهم في غاية السعادة والذي يصل إلى الضفة الأخرى يقولون عنه >SOVA< ·

لماذا توقفت عن كتابة مقالك الأسبوعي >كتابات ذاتية< الذي كنت توقعه >بقلم المواطن علي رحالية< في الشروق اليومي؟

الجميع يعرفون السبب وأولهم السيد علي فضيل الذي تربطنا علاقات احترام متبادلة· لقد كان سببا واحدا ووحيدا هو التحاق أنيس رحماني بالشروق اليومي وترقيته إلى منصب مدير تحرير·· وكان لا بد من أن أتوقف لأن الجميع يعلم بأن أنيس وأنا خطان متوازيان لا يلتقيان·· عالمان مختلفان تماما·· هو اختار >التخلاط< مع الكبار وأنا اخترت الدفاع عن الصغار·· هو اختار كل ما هو غامض ومشبوه وأنا اخترت كل ما هو شفاف وحقيقي·· هو التحق بالشروق لينتقم ويصفي حسابات مع الخبر وأشياء أخرى·· وأنا التحقت بالشروق لأكتب عن الناس وأفضح المسؤولين·· وأنا هنا أتحدث عن أنيس >الصحفي< و>رجل الإعلام< ·· أي عن تلك الكتابات الموقعة باسم أنيس رحماني وما تحمله وليس عن أنيس الشخص والإنسان ·

ولكنك عدت إلى الشروق اليومي وكتبت ثلاثة أعمدة في مكان سعد بوعقبة وكان أنيس وقتها يشغل منصب مدير تحرير؟

هذا صحيح·· ولكن دعني أشرح لك الذي حدث بالضبط صديق عزيز طلب مني مرافقته إلى يومية الشروق لينشر تهنئة لابنته التي تحصلت شهادة الليسانس وبمجرد أن وصلت حتى انتشر الخبر في كل أقسام الجريدة ووجدت نفسي في مكتب علي فوضيل وقد أخبرني بأنه يبحث عن كاتب عمود يحل محل سعد بوعقبة الذي غادر الجريدة· فاقترحت عليه اسم عشراتي الشيخ فقال بأنه مريض·· ثم اقترحت اسم عبد العالي زراقي ثم رضا بن عاشور·· فقال لي بأن ليس لديه ما يقوله عن هؤلاء ولكن الشباب في الجريدة اقترحوا اسمي·· فأخبرته بأن هذا أمر مستحيل في وجود أنيس، فابتسم ضاحكا وقال أنيس أكبر المتحمسين· فقلت ولكني لا أريد أن أتعامل معه، فقال لي سيكون عملك كله مع محمد يعقوبي، فقلت له أعطيني مهلة لأفكر·· لكن لم يكن باستطاعتي أن أقول لا لعلي فوضيل لأنني مدين له بفضل كبير وهو نشر وطبع كتابي >اليوم الأخير< في الوقت الذي رفضت معظم دور النشر طبعه دون أن تحذف أو تغير فيه حرفا واحدا كما اشترطت·· بعد ذلك اتصلت بسعد بوعقبة وطلبت منه الإذن فرحب بذلك، ثم استشرت مجموعة من الأصدقاء منهم نصر الدين قاسم وأحميدة عياشي وهابت حناشي وكلهم رحبوا وشجعوني على خوض التجربة·

كان عنوان العمود >في الركن البعيد< ؟

نعم·· ولكن قبل اختيار هذا العنوان كنت قد اخترت له عنوان >بعيد عن مدير التحرير < ·

تقصد بعيدا عن أنيس رحماني؟

كانت إشارة إلى الجميع·· صحفيين· مسؤولين، سياسيين، قراء·· بأن علي رحالية لا علاقة له بأنيس لا من قريب ولا من بعيد ولا زلت أتذكر بأنني سألت أنيس إن كان لديه اعتراض على عنوان العمودي فأجابني بكل روح رياضية بأن ليس لديه أي اعتراض وإن كان واضحا أن الأمر قد أزعجه خاصة وأن علي فوضيل كان يجلس في الكرسي المقابل لنا!·· كنت أنتظر منه أن يرفض حتى أجد العذر المبرر وحتى لا أكتب ولكنه قبل ووجدت نفسي مجبرا على خوض التجربة ·

ولكنها لم تدم إلا ثلاثة أيام فقط؟

بالضبط·· توقفت لأن الجماعة لم تلتزم بالشروط التي اتفقنا عليها··· وهي شروط شكلية تتعلق بعدد الكلمات وطريقة إخراج العمود·· كنت قد اقترحت إخراجا جديدا للعمود يختلف كما ونوعا عن عمود >نقطة نظام< لأنني كنت أعتبر عمود >نقطة نظام< شكلا ومضمونا هو ماركة مسجلة باسم سعد بوعقبة ··

لماذا لا تعمر في الصحف التي تكتب فيها؟

أكــبر عيبين أعــاني بعض الشيء منهمـــا هما أنني مثــالي (Idealiste) ومن المولعين بالإتقان (PERFECTIONISTE)·· وهما عيبان يجب أن يوفر لمن يعاني منهما هامش حرية كبير ليقول ويكتب ويعبر عن ما يدور في ذهنه من أفكار·· ومشكلتي أيضا أنني أصاب بالإختناق بسرعة وبما أنني أحرص كثيرا على علاقتي مع الذين أعمل معهم فإنني أفضل دائما الإستقالة على خسارة صداقتهم ·

كتبت ضد توقيف المسار الإنتخابي، بعنف فهل أنت متعاطف مع الإسلاميين؟

هل كل من يكتب ضد توقيف المسار الإنتخابي هو بالضرورة من المتعاطفين مع الإسلاميين؟ هذا مقياس خاطئ·· رئيس الجمهورية نفسه أدان توقيف المسار الانتخابي·· ثم إن الذين كتبوا ضد توقيف المسار أكبر من الذين ساندوه·· الأسماء كثيرة وكبيرة·· سعد بوعقبة، بشير حمادي، عابد شارف، نصر الدين قاسم، أحميدة عياشي، زايدي سقية، حبيب راشدين، سليمة غزالي، والقائمة طويلة·· وشخصيا كتبت ضد توقيف المسار الإنتخابي لأنني كنت مع الشرعية· كما كنت أنظر إلى الجبهة الإسلامية أنها حزب مثل باقي الأحزاب وكنت أعتقد بأنه عندما ينزل إلى الواقع·· أي لمواجهة مشاكل الشعب الحقيقية سوف يبتلع أسنانه لأنه لم يكن يملك لا البرنامج ولا الأشخاص اللازمين لمواجهة التحديات·· كل ما كان يملكه هو >خطاب ثوري< ومئات آلاف من الغاضبين الذين من المستحيل التحكم فيهم طول الوقت·· يضاف إلى ذلك أن الصلاحيات التي يخولها الدستور لرئيس الجمهورية كانت كافية لكبح جماح الفيس سواء فاز بالأغلبية البرلمانية أو ترأس الحكومة ·

العربية قالت أنك الوحيد الذي تمكن من القول لرئيس الجمهورية أنت مخطئ وعملت على توقيف قانون المحروقات؟

هذا كلام مجانين·· هل تعتقد بأنه يوجد هناك مواطن يستطيع أن يوقف قرار رئيس جمهورية في العالم الثالث·· الذي حدث أن مراسل موقع قناة العربية من الإمارات نقل خطأ ما نشرته يومية الشرق الأوسط التي نقلت ما كتبته من انتقادات لقانون المحروقات الذي اعتبرته خطأ استراتيجيا قاتلا بل وجريمة في حق الأمة ثم نقلت اعتراف الرئيس بوتفليقة بخطئه·· فيبدو أن مراسل الموقع فهم أن اعتراف بوتفليقة جاء نتيجة ما كتبت·· صحيح أن مقالي >إلى الباطوار·· المناحة البترولية< و>أربع ملاحظات حول خطاب الأربع ساعات< كانا محاكمة علنية لبوتفليقة ولشكيب خليل الذي أراد بيع احتياطات البلاد من البترول والغاز ولكل الذين صفقوا لهما في دار الشعب بأول ماي·· لكن لا مقالي ولا مقال أي كان يمكن أن يوقف قرارا اتخذه بوتفليقة إلا بوتفليقة ·

لماذا لم تتزوج؟

لا أعتقد بأنني أصلح للزواج فأنا إنسان >تاع مشاكل< والمرأة لا تحب هذا النوع من الرجال فهي بطبيعتها تحب الإستقرار والهدوء من أجل بناء عش الزوجية وأنا حاليا لا تتوفر في هذه الشروط ثم في الأول والأخير الزواج هو قضية مكتوب ·

هل لك معجبات؟

أتمنى أن لا تكون تستهزئ بي·· ثم من أين يكون لي معجبات·· لست >توم كروز< ولا >براد بيت< ولا حتى الشاب لامين·· زد على ذلك فأنا لا أعرف الحديث إلا عن المشاكل والأزمات التي تهز البلاد·· في بعض الأحيان تصلني رسائل الكترونية عادية من >قارئات< عاديات أو بعض التعليقات من زميلات صحفيات ليس أكثر·· معظم قرائي من الرجال·· معلمين وأساتذة في مختلف الأطوار التعليمية، موظفين، طلبة في الثانوي والجامعة ومواطنين من الجزائر العميقة ·

تملك قراء كثيرون يحسدك عليهم البعض·· ما السر في كتاباتك؟

من الأفضل لو وجهت السؤال لهولاء الذين يشترون الجريدة من أجل قراءة ما كتبه علي رحالية·· معظم رسائل القراء التي تصلني يركزون فيها على أربع أو خمس نقاط هي الصدق، الجرأة، الأسلوب، تبسيط الفكرة أو الأفكار وكثرة المعلومات·· هذه ملاحظات القارئ العادي أما المحترفين وأقصد الكتاب والصحفيين والمسؤولين فتعجبهم قدرتي على جمع المعلومات وإصطياد الأخطاء والهفوات و>الخبث< في كيفية هندسة وبناء المقال للهروب من مخالب القانون ·

لماذا توقفت عن الكتابة في المحقق بدون علم مدير التحرير؟

ببساطة لأنني لا أريد أن أكون سببا في >خراب بيت< هابت حناشي على حد تعبير الأخوة في مصر· هذا هو السبب الأول والأهم· أما السبب الثاني فسأحتفظ به لنفسي ولن أجيبك عليه بالرغم من أنك واحد من أكبر >السامطين< الذين عرفتهم ·

لمن تقرأ من الصحفيين الجزائريين؟

أقرأ للجميع تقريبا، للكبار والصغار وللقدامى وللجدد·· سعد بوعقبة، عبد الله قطاف، بشير حمادي، أحميدة عياشي، نجيب بلحيمر، نذير بلقرون، هابت حناشي، سليمان حميش، حدة حزام، نصر الدين قاسم، نعمي، حسان زهار، حكيم لعلام، القاضي إحسان، عابد شارف، شوقي عماري، فيصل مطاوي، محمد بن شيكو وغيرهم·· أما الشباب فأقرأ لكمال زايت، فيصل صاولي، العربي محمودي، حسان وعلي، سمير حميطوش، بلقاسم، أسامة وحيد،، سعاد عزوز، رابح رافعي والصحفي الشاب أيمن السامرائي وأعتذر للذين لم أذكر أسمائهم ·

ولمن تقرأ دوليا؟

عربيا أقرأ لمحمد حسنين هيكل، عادل حمودة، جهاد الخازن، سمير عطا الله والصافي السعيد، وفرنسيا أقرأ لجيل بيرو، جون لا كوتير، جون دانيال وإيريك لورن وإنجليزيا أقرأ لروبرت فيسك وباترك سيل أما أمريكيا فأقرأ لبوب وودورد، سيمون هيرش وبيار سالنجر لما كان حيا

أضف الى مفضلتك

ليست هناك تعليقات: