الخميس، 21 مايو 2009

حوار مع الصحفي الطبيب عشيراتي الشيخ

العربي بلخيـر طلب مني أن أحـاسب نفـسي قبـل أن يُحــاسبـوني

زاوج بين مهنة الطب والصحافة··صام عن الكتابة لمدة بسبب مرضه قبل أن يعود عبر أعمدة الحوار< واختار أن تكون مقالته الأولى دفاعا عن لغة الضاد رغم أن تكوينه فرانكفوني··وأنت تتحدث لصاحب ركن >حجرة في السباط< الشيخ عشراتي أو عمي عشراتي مثلما يناديه الجيل الجديد من الصحفيين تكتشف أنك أمام موسوعة علمية تدب فيها الروح،··رجل صريح لأبعد الحدود··في حواره < عاد بنا عمي عشراتي للكثير من المحطات التي طبعت مسيرته، كما توقف كثيرا عند مرضه، وبأسلوبه الهزلي الهادف مرّر الكثير من الرسائل سواء لمن سماهم أهل >الجزاير< أو لغيرهم··تابعوا ··

دكتور في الطب يزاول مهنته بعيادته ويكتب أعمدة على صفحات الجرائد··هل هي طفرة أم فطرة؟··البداية كانت مع الشروق بطبعتيه؟

لا أدري أي صفة تعطيها، لكني جئت إليكم صدفة..والحكاية بدأت في فبراير ,2001 عندما نشرت يوميتا الخبر و الوطن مقابلة صحفية للسيد بن زاغو< ، يومها كان يرأس لجنة إصلاح المنظومة التربوية. وقد هالني ما جاء من مغالطات وسفاهة تدل على أن الرجل أميّ بالمعنى الأكاديمي للكلمة، وهو الذي قيل إنه دكتور، وهو بعيد كل البعد عن أبجديات الأفكار العصرية.. جاءت أفكاره من نوع >أرض ـ أرض< ، بالتعبير الفرنسي، مما تتناوله السوقة في المقاهي..مستوى من التفكير شجعني على كتابة رد، أعترف أنه متشنج، أحاول أن أدحض فيه مزاعمه..كتبت الرسالة باللغتين وأرسلتهما إلى الخبر والوطن، لكن بعد الزوال وصلت إلى قناعة أنهما لن ينشرا شيئا، فـأرسلت النسخة العربية إلى الشروق اليومي عشية نفس اليوم..الشروق اليومي كانت ثالث يومية أقرأها بانتظام، وعمرها، آنذاك، أقل من أربعة أشهر..وفي اليوم التالي، وكما كنت أتوقع لم تنشر لا الخبر ولا الوطن الرسالة، وكما لم أتوقع نشرت الشروق اليومي الرسالة.. نشرتها لأن الجريدة كانت قد تبنت طرح الدكتور علي بن محمد والداعي إلى مدرسة أصيلة ومتفتحة، (وبالمناسبة، أظهرت الوقائع والممارسات صواب كل آرائه)..الحاصول، مساء ذلك اليوم هاتفني عبدالله قطاف، (فقد أدرجت رقم هاتفي في ذيل الرسالة) ليتم التعارف وكلمت في نفس اليوم الأستاذين سعد بوعقبة وبشير حمادي..ليقترح علي عبدالله المساهمة معهم، فكانت البداية ..

فلا هي طفرة ولا هي فطرة، ربما لبيداغوجية بشير حمادي الذي علمني بالهاتف كيف أختصر ومتى يجب علي أن أشرح، وقد يكون لأخي عبدالقادر، أستاذ اللغة العربية، ضلع في ذلك: فأعطيه العمود ليصحح أغلاطه النحوية، فيمارس عليّ الرقابة .

ولماذا دخلت الصحافة متأخراً؟

شوف!… هذه كانت فرصة لمديح أعتز به: فقد سألني بعض من تعرفت عليهم من الصحافيين في الدزاير< ، وهم يرون شيـبـي، عن أي الصحف كنت أكتب فيها قبل الآن، وتحت أي اسم مستعار؟ .

يُقال أن علاقتك بعبد الله قطاف كانت مميزة؟

في هذه اسأل عبد الله..لكني أقول لك إن الرجل يمثل الوجه المشرق من الصحافة الوطنية: أنا لا أملك معاييركم التي تقيّمون بها الصحافة والصحافيين، لكني من منطلق الكتابة الهادفة المركزة، يمكنني أن أقول أن لا أحد يضاهي عموده ولم أجد فيكم أكثر انضباطا منه..ويمكنني أن أشهد، من خلال الأيام القليلة والمتقطعة التي كنت أقضيها في الدزاير< ، أن عبد الله قطاف يتحول إلى صيرفي فينيقي عندما يدقق في الحسابات وفي المصاريف..>ما يعرف بوه من جدّو< ، منذ أن كان للجريدة نصف صفحة إشهار، أخبرني عبد الله بمستقبلها وكيف ستتدرج وكيف ستصبح الأولى وطنيا ووقفت على ذلك ورأيتها تكبر ولكن.. ولكن >راك شايف< كيف أصبحت وأين هم أهلها .

لماذا توقفت عن الكتابة في الشروق؟

أنا لم أتوقف، بل طُـردت. وكنت أتوقع طردي وانتظرته، خاصة أني لم أغير من خطي، بعد التوجه الجديد للجريدة مع طاقمها الجديد..وكنت أنتظره بعد التغييرات التي بدأت بتغيير مكان العمود، وبين قوسين علمت يومها مكانة الصفحة الأخيرة لديكم، وانتهت بإلحاقي بالصفحة الثقافية التي تغيب وتحضر حسب الضغط..كنت أتوقع ولم أعطهم أي فرصة: فقد كنت دوما أرسل ثلاثة أعمدة كاحتياط وحتى يكون لهم الاختيار .

مدير التحرير ولدى اتصالنا به قال أنك مريض وستعود للكتابة ريثما تتعافى؟

آسف، لا أدري كيف يقول هذا، وأنا لا أعرفه ولم يكلمني في يوم من الأيام، ولم أر صورته إلا في الجزيرة، مع أني قضيت أشهرا تحت إمرته..ولم تنقطع كتابتي حتى طيلة مكوثي في المستشفى .

وحاليا أين تكتب؟

أنا تحت إمرة الأستاذ نصر الدين قاسم، في يومية الحوار، وهي جريدة تشبه الشروق اليومي في أيامها الأولى، واستغلك بل أرجوك أن تروج لموقعها الإلكتروني :

www.elhiwar-dz.com

ومن أين استلهمت عنوان عمودك حجرة في السباط< ؟

هو تعبير ادزيري< أعجبني، تعبير ينبه السامع أني لا أستطيع ردّ الأذى بمثله ولكني ألفت انتباه المؤذي أني موجود ويمكن أن أدمي قدمه إلى درجة ما، دون توقيفه تماما ولكن، كذلك، دون أن يمكنه السير بانتظام .

هل يعرفك قراؤك في مدينة البيض حيث تمارس عملك؟

طبعا، فالبيض قرية بالمفهوم الاجتماعي للكلمة .

هل تتحدث معهم في السياسة أم لا؟

وفيمَ يتكلم الجزائريون، إن لم يتكلموا عن السياسة؟ ··

وهل تأخذ من علاقتك بهم أية مواد لعمودك؟

لا!، لم يحدث أن اتخذت من المحليات البيضيّة موضوعا لما أكتب..قد يطرح عليّ قرّاء الشروق اليومي مشاكل محلية يمكن أن أتناولها إذا كان لها ارتباط بالشأن الوطني..تحاشيت أن أدخل في النزاعات المحلية..وقد لا تعلم أن لا أحد، من القراء على مستوى الوطن، كان يعرف سكناي قبل أن يذكر ذلك الأستاذ بوعقبة وهو يهنئ ابني فاروق بالباك سنة ,.2002 حاول بعض المتخاصمين محليا توظيفي في نشر وجهات نظرهم لكني رفضت، وتفهم الكل موقفي وقالوني < ...

من يقرأ لك يحس أن لديك مقدرة أدبية كبيرة على كتابة القصة أو الرواية لماذا لم تحاول ذلك؟

كل من يقرأ ويكتب في رأسه مشروع رواية، ويكذب من يقول العكس..فيهم من ينتظر لما بعد العسكر ليبدأ، ومنهم من ينتظر التقاعد وفيهم من يمني نفسه أنه سيبدأ فور انتهائه من بناء السكن، أو مباشرة بعد تزويج المازوزي< ، ومنهم ومنهم..حتى أنك تجد عجوزا أمية تقول متحسرة: >لو كنت (قارية) لكتبت مسلسلات أحسن من التيلي< ، ..الآن لا أعتقد أنه بإمكاني أن أنضم إلى هؤلاء المبرمجين <.

بصراحة لماذا أخفيت مرضك عن الجميع ولم نعرف بذلك إلا عن طريق الزميل بلخن في مقالة كتبها عنك في أسبوعية الحقائق< ؟

بلخن أصيل، ولم أخف عن أحد مرضي، كل من سأل عني عرف..أنا لست شخصية عامة وغير منتظر مني أن أتلفن إلى كل معارفي لأخبرهم بمرضي..ولمعلوماتك كان أول العارفين به، قبل بقية أهلي، هما السيد علي فضيل والدكتور حميدي .

وحاليا أنت تتعافى وفي صحة جيدة؟

الحمد لله….شوف…دائما أتذكر القول الكريم: ..وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم< .. فقد كانت فرصة شخصية للتأمل، وما كنت لأتعرف على أطباء زاد اعتزازي بزمالتهم وشرف الانتماء إليهم لولا المرض...تعرف؟.. الطب غير الصحافة: الزمالة فيه شيء مقدس. الطب، هو الآخر، فيه نزاعات وحسد وتنافس، لكنها نزاعات تحتدم بشكل راق ومتحضر، وليس عراك الزبالين، (بالتعبير الفرنسي)، الذي وقفت عليه في الصحافة .

ما هي تجربة الطبيب عندما يتحول إلى مريض؟

هي مزحة يقولها لي مرضاي: وهل حتى الطبيب يمرض؟…لكنها تجربة صعبة أولا على الطبيب الذي يعالج الطبيبَ… كان على البروفيسور عسله حسين وفريقه بقيادة الدكتورة علي عروس والدكتور شيخي، كان عليهم مواجهة مريض يعرف ما ينتظره..مريض لا يمكنهم الالتفاف حول الكلمات أو مداراة التعابير القاسية..كان عليهم ترك أساليب التهوين التي نستعملها عادة إجابة لتساؤلات المرضى..الدوران ممنوع واللف مستبعد: الطبيب المداوي متأهب لأسئلة يعرف أنها محددة ويستعمل ذكاءه الأكبر في اقتناء الكلمات المناسبة وغير القـــابلة للتأويل..مهمته صعبة..التفوا حولي كلهم وأصبح همهم التسريع

المزيد


عيـاش سنـوسي

سبتمبر 27th, 2007 كتبها جمال بن عودة نشر في , بدون تحفظ,

,

كتبت ”اذكروا عصاد بخـير” فسُجِـنت

عياش سنوسي، بعد سنوات عديدة قضاها في الصحافة المكتوبة، يفتح صفحة جديدة مع الميكروفون في الإذاعة الدولية، يتحدث عن طرائف ومغامرات من وحي تجربته الخاصة في عالم مهنة المتاعب ويقول إنه ما زال يعشق فيه الروبورتاج، الذي طالما حرّك فيه بواعث الكتابة عن الجزائر العميقة ·

بعد سنوات طويلة في الصحافة المكتوبة تغامر الآن مع الميكروفون وتقول لبعض الزملاء توحشت نكتب روبورتاج< ·· ضجرت هكذا سريعا من العمل الاذاعي وتحن الى الصحافة المكتوبة؟

لم أضجر، فالتجربة الإذاعية جميلة وممتعة ومفيدة رغم قصر عمرها، أما الكتابة الصحفية فهي وسطي الطبيعي، ولا يمكنني هكذا في لحظة أن أنسى مهنة عشقتها وسجنت بسببها ولا زلت أعشقها ولم أنقطع عنها ·

هادىء ولم تتعصب حتى وبعض الصحفيين في القناة الاذاعية الدولية يرتكبون أخطاء من وحي تجربتهم القصيرة مثل المتمردون الصحراويون< ··؟

أثبتت الأيام صدق من قال إن المعرّبين هم سبب بلاوى بعضهم، فمنذ إطلاق الإذاعة انبرى لها بعض الأقلام المحسوبين على المعربين متوهمين بأنهم سيأتون بالسبع من أذنيه< (··) وما فعلوا سوى أنهم أهانوا أنفسهم ليس إلا، وما قيل عن الإذاعة الدولية مجرد ترهات من نسج خيال بعضهم لغاية في أنفسهم أو للانتقام من مسؤوليها ليس إلا ·

بصراحة لم تقلقنا تلك الكتابات لأني أعرف أصحابها وتفكيرهم ومحدودية مستواهم ومن يتولى تصحيح وتصويب مقالاتهم، ثم إن الأخطاء الكارثية< التي تحشو بها الصحف لا يعلمها إلا الله ومع ذلك لا أحد يتكلم عنها·· فهل ترى طبيعيا أن يكتب صحفي >السكنات التي يسكنها الساكنون< (··) وهل طبيعي أن تكون الجرذان >فئران ذات الحجم الكبير < ·(···)

صحيح أنك جليدي الأعصاب دوما ···

يفترض في صاحب المهنة سيما بالإذاعة، أو هكذا يبدو، أن يكون جليدي الأعصاب هادئا وإلا فإنه لن يفلح في التعامل مع محيطه وزملائه، فالنرفزة كثيرا من ثبطت العمل وأقلت الجهد ولو كان مهما ·

عياش سنوسي برز بشكل لافت للنظر في يومية الخبر< عن طريق الروبورتاجات الاجتماعية·· وتنقلاته بين أقسام هذه الجريدة؟

بل إن بروزي بدأ مع الشروق العربي< في أوج انتشارها مطلع التسعينيات، وأنا أعتز بها لأنها كانت انطلاقتي الرئيسة بمهنة المتاعب مثل اعتزازي بتجربتي في صدى الملاعب والملاعب لاحقا·· لكني لست راضيا عن تجربتي بالخبر رغم طول التجربة بها لأني كنت أشعر أنني كنت مقيدا مثلما قيد غيري ·

صحيح أنهم كانوا يشيدون بكتاباتي لكنهم لم يمنحوني الفرصة الضرورية لذلك·· فالروبورتاج لا يعني الكتابة عن قنوات صرف المياه ببراقي أو ظهور دودة عجيبة بالخروبة أو إهتراء الطرقات ببن طلحة أو انقطاع الكهرباء بالحراش·· الروبورتاج أعمق وأبعد من ذلك، وللأسف ذلك ما تفتقده الخبر< اليوم ·

وددت لو تذكر لنا حوادث طريفة من وحي تجربتك في الخبر؟

بل مضحكات·· مرة منحتني إحدى شركات السيارات سيارة نظير الخدمة التي قدمتها·· هكذا سيارة دفعة واحدة(···) · الحكاية أن الجريدة نشرت مقالا مليئا بالمعلومات الخاطئة عن الشركة ولما حاولت الأخيرة نشر رد طلبت ذلك مني بحكم تعاون سابق معها، وبعد ثلاث محاولات فاشلة اتصل أحد مسؤوليها بمدير الصحيفة يطلب منه نشر التوضيح، بيد أن هذا الأخير ثار بمجرد أن علم أنني أكدت لهم قانونية الأمر، وبقية الحكاية معروفة وقد ذهبت سخرية بالجريدة لدرجة أنه كلما حاول الزملاء الترويح عن أنفسهم إلا وسألوني عن السيارة الهدية·· المفارقة أن هذه الشركة صارت بعد أيام المتعامل الوحيد مع الجريدة في مجال الطمبولا، ده ربنا لو حاجات< على حد تعبير الفنان عادل إمام ·

المعاملة بالمكيالين لم تكن تسر أحدا، فبينما يحرم البعض من التعاون مع الصحف الأجنبية أو حتى الوطنية ولو كانت من نفس المؤسسة يشجع الآخرون على ذلك·· مرة طلب مني رئيس التحرير الكف عن التعاون مع إحدى الصحف الأجنبية فرفضت وطلبت منه توقيع عقد احتكار للتوقف عن التعاون فبَهُت ·

في الشروق العربي< كانت البداية بمقالات بدت مثيرة في زمن كانت فيه الصحف قليلة الانتشار بسبب أزمة التوزيع، ومع ذلك أثبت أنك مقاوم بطريقة ما، حتى وأنت تنام في أماكن العمل وعند الأصحاب وحتى في مقهى بسبب الأزمة الأمنية؟

بل إنني إلى وقت قريب كنت متشردا بلا مأوى أنام أحيانا بالمقاهي والفصول الأربعة< ·· أما النوم بمكان العمل فكان مكتوبا سيما في تجربتي السابقة بصدى الملاعب·· ولا عيب ·

حدثني عن قصة سحقك من طرف القضاة< بسبب مقالة لك عنهم أمضيتها في الشروق العربي<·· ودخلت السجن بسببها؟

لا·· ليست لدي أي مشكلة مع القضاة، بل إنني أحترمهم وأحترم سلك العدالة كله من المحامي إل

المزيد

ليست هناك تعليقات: